المعتقدات الشعبية تأثيرها على سلوك الناس.........

الحيوانات في سلوكها الفطري اليومي وتصرفاتها الطبيعية قد تدفع الناس الى
تأويل تلك التصرفات على انها أحداث ستقع استنادا الى خلفية فكرية طبعتها
السنون في الذاكرة وتناقلتها الافكار. ‏ وإذا بدأنا في مراقبة تصرفات
الحيوانات يتضح لنا ان لكل تصرف ما يقابله لدى الانسان من تأويل يعتمد على
خيال خصب يبرر ردة فعل الناس تجاه تصرف ما، سواء أكان تفاؤلا أم تشاؤما. ‏


*الارنب: يعتقد الناس بأن ذبحها مكروه ويعتقد البعض ان تربية
الارانب في البيوت تجر المصائب على اصحابها وكثيرا ما سمعنا كبار السن
يرددون (الارنب فقر). وخلال السفر كان المرء إذا رأى أرنبا في طريقه يعدل
عن السفر لأن مرور الارنب في طريق المسافر مدعاة للتشاؤم. ‏

*ابن
آوى يعتقد الريفيون ان عواء ابن أوى عند اطراف قراهم في الحقول ولاسيما
النساء منهم مدعاة للخير والفأل الحسن. وإذا سمعوا عواءه في مطلع العام
اعتقدوا بأن عامهم هذا عام يمن وبركة لأن الزرع سيكون وفيرا والعطاء
كثيرا.

‏ *البوم: وهو في اعتقاد الناس لم يكن طائرا من قبل، بل
كان امرأة فقدت ولدها فراحت تبكي على قبره فترة طويلة من الزمن وتنام على
أحجار ذلك القبر المتداعي ومع مرور الزمن انقلبت الى طائر لا يخرج إلا في
الليل ولا يسكن سوى الاماكن المهجورة. يتشاءم الناس من البوم وإن رؤيته في
الاحلام دليل على ان لصاً سيدخل الدار ويسرقها واذا كانت رؤية البوم في
الحلم ينعب فإن ذلك يعني الايذان بشر كبير أو بمصيبة قادمة. ‏

*الحمار:
من المعتقدات المتداولة عند أهل الريف ان الشيطان يتحكم بالحمار وحين
يأمره بالوقوف يقف وعندها لن ينفع راكب الحمار جهوده وان رؤية المرأة
للحمار في الحلم ميتا تعني ان هذه المرأة ستفارق زوجها. ‏

الحية:
كانت الحية ولاتزال مصدر خوف ومصدر إلهام للخيال الشعبي، فالحية في
معتقدات العوام أخرجت آدم وحواء من الجنة والحية حرمت جلجامش من ماء
الخلود وهي حارس لأسرار الكنوز ومن المعتقدات الشعبية بأن المسافر يتفاءل
بمرور الحية في طريقه وهي لا تؤذي من لايؤذيها (قرب العقرب لا تقرب، وقرب
الحية افرش ونام). ‏ وتعتقد النسوة ان الحية اذا وقفت أمام المرأة الحامل
ولم تتحرك فهذا دليل على ان المرأة حامل بذكر واذا انسابت امامها فهذا
دليل على ان الحمل أنثى. ويعتقد الناس بأن رؤية الحية في الحلم خير ومن
رآها قد لدغته فهذا يعني بأنه سينجو من جرح بليغ أو مصيبة واقعة. ‏

*الخفاش:
الاعتقاد الشعبي يقول ان الخفاش اذا التصق بوجه أحد ما كان من الصعب
انتزاعه إلا بوساطة مرآة إطارها من الذهب الخالص. وحين يرى الخفاش نفسه
جليا يتخلى عن الوجه ولهذا كانت الأمهات يحذرن أطفالهن من الخفاش. ويعتقد
بأن الخفاش يعيش على امتصاص دماء ضحاياه ورؤية الخفاش في الحلم يسكن منزلك
دليل انك ستترك المنزل الى آخر جديد وايضا رؤيته في الحلم ميتا دليل وقوع
حادث أليم أو فاجعة مؤلمة. ‏

*الذئب: يعتقد الريفيون ان الذئب
يتغذى أسبوعيا على الجان وأسبوعا على (الطليان) والجان يخافون من الذئب.
وعواء الذئب لا يكون له مفعوله المثير للأشباح إلا عند اكتمال القمر. ‏
ولذا يعتقد العامة ان الاشباح تخرج لدى سماعها ذلك العواء. ويعتقد ان
الذئب هرب من القمر حين كان هلالا ولذا فهو يعوي عند اكتمال القمر ليشعره
بإفلاته منه. ومن رأى في الحلم ذئبا فقد دل حلمه على وجود عدو ظالم يغدر
به. ‏

*العقارب: يقول المعتقد الشعبي من اضطر الى الكذب والتدليس
على الناس فسيكون عرضة للسع العقارب عند موته عقابا له على اسلوبه بين
الناس. والعقرب خوان ولذا فهو يقاتل ابناء جنسه حتى الموت، والعقرب
المحترق في الحلم موت عدو مؤكد. ولدغته تعني الإسراع في طلب أمر مُلّح
والفوز به ورؤية عقربين يتصارعان تعني خلافا مع قريب قد يصل الى القضاء. ‏


*الغراب:في المعتقد الشعبي يعده الناس شؤما نظرا لصوته وشكله
القبيح فجاء وصفه في المثل الشعبي (مثل غراب البين) وما إن يشاهده أحد من
العامة حتى يستعيذ بالله خوفا من مصيبة قادمة لاسيما اذا نعب ذلك الغراب
أمامه. فإذا سمعت ربة البيت غرابا أو بوما ينعب في فضاء دارها تناولت
سكينتين من المطبخ وضربت إحداهما بالاخرى حتى يتوارى بعيدا. ‏ وإذا رأى
النائم في حلمه غرابا يأكل فريسة فهذا يعني موت أحد الجيران أو الاصدقاء
واذا نعب الغراب ثلاث مرات فوق مكان فإن على الحاكم ان يتوقع مصيبة ستحل
قريبا. ‏

*الخيل: ففي المعتقدات الشعبية يضع كثيرا من الناس على
أبواب بيوتهم أو عملهم حدوة حصان لمنع الحسد والشر ووجود الخيل في البيت
دلالة عز وجاه وقوة. واذا أحجم الحصان براكبه عن سلوك درب معين على صاحب
الحصان ألا يجبره على سلوك ذلك الدرب لأن فيه خطرا كامنا. ويعتقد العامة
اذا صهل الخيل باستمرار ودارت حول نفسها فهذا يعني وجود خطر داهم يجب
التوخي منه. ‏ وراكب الحصان في الحلم سينال مجدا واذا كان الحصان مسرجا
فإن الفارس سيتزوج ورؤية حافر الفرس في الحلم معناه مجيء الغنى أو كثرة
المعرفة.

وتبقى المعتقدات الشعبية مبررات لإحساس الناس بأشياء
يتوقعون حدوثها لكنهم غير واثقين منها. كما تبقى المعتقدات الشعبية من
خلال علاقة الانسان مع حيوان البيئة مصدراً من مصادر القصص المتناقلة
والاساطير القديمة.